responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 118
الْمُفَرِّقَ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَقَالَ يَمَانُ بْنُ رَبَابٍ [1] : أَرَادَ بِالْفُرْقَانِ انفراق البحر كما قال [تَعَالَى] : وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ، لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ، [يعني] : بِالتَّوْرَاةِ.
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ: الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْلَ، يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ: ضَرَرْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ، بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ: إِلَهًا. قَالُوا: فَأَيُّ شَيْءٍ [2] نَصْنَعُ؟ قَالَ: فَتُوبُوا: فَارْجِعُوا إِلى بارِئِكُمْ: خَالِقِكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَتُوبُ؟ قَالَ: فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، يَعْنِي: لِيَقْتُلِ الْبَرِيءُ مِنْكُمُ الْمُجْرِمَ، ذلِكُمْ، أَيِ: الْقَتْلُ، خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ، فَلَمَّا أَمَرَهُمْ مُوسَى بِالْقَتْلِ، قَالُوا: نَصْبِرُ لِأَمْرِ اللَّهِ فَجَلَسُوا بِالْأَفْنِيَةِ مُحْتَبِينَ، وَقِيلَ لَهُمْ: مَنْ حلّ حَبَوْتَهُ أَوْ مَدَّ طَرْفَهُ إِلَى قَاتِلِهِ أَوِ اتَّقَاهُ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَهُوَ مَلْعُونٌ مَرْدُودَةٌ تَوْبَتُهُ، وأصلت [3] القوم عليهم الخناجر وكان الرَّجُلُ يَرَى ابْنَهُ [4] وَأَبَاهُ وَأَخَاهُ وَقَرِيبَهُ وَصَدِيقَهُ وَجَارَهُ، فَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْمُضِيُّ [5] لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالُوا [6] : يَا مُوسَى كَيْفَ نَفْعَلُ؟ فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ [7] ضَبَابَةً وَسَحَابَةً سَوْدَاءَ لَا يُبْصِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَكَانُوا يَقْتُلُونَهُمْ إِلَى الْمَسَاءِ، فَلَمَّا كثر القتل دعا موسى وهرون عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَبَكَيَا وَتَضَرَّعَا وَقَالَا: يَا رَبُّ هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، الْبَقِيَّةَ الْبَقِيَّةَ، فَكَشَفَ اللَّهُ تَعَالَى السَّحَابَةَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَكُفُّوا عَنِ القتل، فكشف عَنْ أُلُوفٍ مِنَ الْقَتْلَى، يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عَدَدُ الْقَتْلَى سَبْعِينَ أَلْفًا فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى مُوسَى فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: أَمَا يُرْضِيكَ أَنْ أُدْخِلَ الْقَاتِلَ والمقتول [منهم] [8] الْجَنَّةَ؟ فَكَانَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ شَهِيدًا، وَمَنْ بَقِيَ مُكَفَّرًا عَنْهُ ذُنُوبُهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَتابَ عَلَيْكُمْ، أَيْ: فَفَعَلْتُمْ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَتَجَاوَزَ عَنْكُمْ، إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ: القابل للتوبة [منكم] [9] الرَّحِيمُ بكم [10] .

[سورة البقرة [2] : الآيات 55 الى 57]
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَأْتِيَهُ فِي نَاسٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ، فَاخْتَارَ [مُوسَى] سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خيارهم وقال لَهُمْ: صُومُوا وَتَطَهَّرُوا وَطَهِّرُوا ثِيَابَكُمْ فَفَعَلُوا، فَخَرَجَ بِهِمْ مُوسَى إِلَى طُورِ سَيْنَاءَ لِمِيقَاتِ رَبِّهِ، فَقَالُوا لموسى: اطلب لنا أن نسمع كلام ربنا، فقال: أفعل فلما دنا موسى مِنَ الْجَبَلِ وَقَعَ عَلَيْهِ عَمُودُ الْغَمَامِ وَتَغَشَّى الْجَبَلَ كُلَّهُ فَدَخَلَ فِي الْغَمَامِ، وَقَالَ لِلْقَوْمِ: ادْنُوَا فدنا القوم حَتَّى دَخَلُوا فِي الْغَمَامِ وَخَرُّوا سُجَّدًا، وَكَانَ مُوسَى إِذَا كَلَّمَهُ رَبُّهُ وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ نُورٌ سَاطِعٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَضُرِبَ دُونَهُمُ الْحِجَابُ وَسَمِعُوهُ وَهُوَ يُكَلِّمُ مُوسَى يَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ، وَأَسْمَعَهُمُ اللَّهُ: أَنِّي أَنَا اللَّهُ لَا

[1] في المطبوع «ريان» .
[2] في المخطوط «فما» بدل «فأي شيء» .
[3] وقع في الأصل «واصلت» والتصويب من نسخة «ف» .
[4] كذا في نسخ المطبوع، وفي المخطوط «أمه» .
[5] زيد في المخطوط «إليه» .
[6] في المخطوط «فقالوا» .
[7] في المخطوط «إليهم» .
[8] سقط من المطبوع.
[9] سقط من المطبوع.
[10] في المطبوع «بهم» وفي نسخة- ط- «بخلقه» بدل «بكم» .
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 118
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست